تعريف الأصل التجاري: و الأصل التجاري مال معنوي منقول مكون من اجتماع عناصر معنوية و أخرى
مادية، بغاية الاستغلال التجاري(1).
عناصر
الأصل التجاري: و يتفاوت مدى إجبارية توافر العناصر المادية أو المعنوية باختلاف طبيعة
و مكان مزاولة النشاط التجاري للتاجر، بحيث تتطلب الأصول التجارية المستغلة في
عقارات غير مملوكة للتاجر توافر الحق في الكراء، و تستلزم تلك المستغلة بمناسبة
البيع و الشراء وجود بضاعة دون تلك التي يكون الغرض منها تقديم خدمات و أعمال. و
الأمثلة كثيرة. و لكن كافة الأصول التجارية تستلزم بالضرورة توفر عنصر الزبناء
الذي لا يمكن القول بوجود أصل تجاري بدونه. فالأصل التجاري ينشأ و يتطور و تزداد
قيمته و تضمحل ثم يندثر بحسب اتصال عنصر الزبناء به. من هنا نقول إن قيام الأصل
يتوقف لزاما على توفر عنصر الزبناء(2).
شرط
الاستغلال التجاري: و لكن اعتبار كل استغلال لعناصر مادية و معنوية مجتمعة -من بينها عنصر
الزبناء- كافيا لنشوء الأصل التجاري، أمر غير سليم و ذلك لأنه:
-من جهة أولى، فإن عنصر الزبناء كما قلنا سابقا ليس العنصر الضروري الوحيد
لنشوء الأصل التجاري، بل فقط العنصر الأساسي المشترك بين كافة الأصول التجارية.
فهناك أصول تجارية لا تنشأ إلا مع وجود الحق في الكراء، و أخرى إلا بوجود بضائع
...إلخ.
- ومن جهة ثانية، لأن وجود الأصل التجاري المستغل في المحل المكترى يكون
رهينا بمرور مدة معينة على الانتفاع بالمحل الذي يمارس فيه التاجر نشاطه، و هي
سنتان في عقود الكراء الكتابية و أربع سنوات في العقود الشفوية (الفصل 5 من ظ 24/5/1955).
- و من جهة ثالثة –و هي التي تهمنا-، فلو كان الأمر كذلك لأمكن اعتبار المحامي أو الطبيب
اللذين يزاولان مهنتهما في ظل ظروف مشابهة لتلك التي يمارس فيها التاجر نشاطه،
لأمكن اعتبارهما مالكي أصول تجارية. صحيح أن كلا من المحامي و الطبيب و غيرهما من
أصحاب المهن الحرة غير التجارية يتوفر على الزبناء، و يملك بالتالي مالا معنويا
منقولا شبيها إلى حد بعيد بالأصل التجاري، غير أنه لا يمكن أن يكون كذلك بل هو أصل
مهني. و إذا كان الأصل التجاري قد فرض وجوده كنظام قانوني مستقل عن الأموال التي
تشكـله، فـإن الأصل الـمهني لا يقـل عنـه أهمية، خاصة إذا نظرنا إلى الظروف
التي يمارس فيها بعض المحامين و الأطباء مهنهم؛ فإذا كان المشرع قد تبنى تنظيما
قانونيا للأصل التجاري و أقر له حماية قانونية، فإن الدور قد حان لتخصيص الملكية
المهنية بنفس الامتياز.
و ليس هذا
موضوعنا، و لكن الذي نرمي إليه من وراء كل هذا هو أن نشوء أصل تجاري، و بالتالي
ثبوت الاختصاص للقضاء التجاري في النزاعات المتصلة به، مشروط بكون العمل المستغل
بواسطة هذا الأصل عملا تجاريا. و في هذا الصدد قضت محكمة الاستئناف بالبيضاء في
قرار حديث لها "أنه و إن كانت تتوفر للاستغلال المهني للمصحة المذكورة عناصر
من طينة تلك التي يتشكل منها المحل التجاري كعنصر الزبناء و الأثاث و الآليات
فإنها لا ترقى لهذه الصفة لفقدان الصفة التجارية للنشاط الممارس بها باعتبار أنه
يلزم في المحل التجاري أن تثبت الصفة التجارية لنشاطه كما يلزم أن يمارس المستغل
النشاط التجاري على وجه الاحتراف حتى يكتسب صفة التاجر. أضف إلى ذلك أن الزبناء
كأحد أهم العناصر المتعلقة بالمبيع ترتبط بشخص صاحب المحل كطبيب لكفاءته و تمرسه
لا بالمقر الذي يزاول فيه مهنته"(3).