يعتبر عقد الكراء من العقود الرضائية ولا يشترط في انعقاده شكلا معينا وهو ملزم للطرفين المتعاقدين المكري والمكتري ولا ينشئ سوى التزامات شخصية ولا ينتج عن انعقاده حقا عينيا على الشيء موضوعه، ويعتبر أيضا من عقود المعاوضة لا عقود التصرف كالبيع.
وقد عرفه قانون الالتزامات والعقود الفصل 627 بأنه" عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة معينة بمقابل أجر محدد يلزم الطرف الآخر بدفعها " وعرفه القانون المصري" بأنه عقد يلزم المؤجربمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لأداء أجر معلوم " وإذا كنا قد ذكرنا على انه من العقود الرضائية فان هذه الصفة لم تعد مطلقة إذ عمد المشرع على التدخل لمحاولة الحد منها وقصد بذلك مصلحة المكتري ويرجع ذلك إلى عدة عوامل وأسباب منها اجتماعية واقتصادية ولهذا فقد اقتصر في حرية الطرفين فيما يخص الأجر وكيفية أدائه وإعداد المحل المكترى ومصاريف الصيانة والمصاريف التي تكون غالبا إضافية مشتركة كمدخل المحل والدرج والإنارة المتعلقة بها والممرات المشتركة والنفقات التي تترتب على المصعد فيما يتعلق بالعمارات وغيرها، وقد ظهر بشكل جلي تدخل المشرع حين سن ظهير 5 مايو 1928 والذي قضى على مبدأ انقضاء العقد بانتهاء الأمد المتعلقة عليه وأصبح انقضاؤه بيد المكتري الذي بإمكانه الاستغناء عن المحل متى رغب في ذلك ولو قبل انتهاء أمده وإذا لم يرغب في ذلك المكتري فانه ليس له الحق في إلزامه البقاء به إلا إذا أخل بالتزامه فيكون الحق للمكري في ذاته وعقب ذلك صدر ظهير 25/12/80 والذي بالإضافة إلى انه حد من الرضائية أعطى للمكتري الحق في مراجعة السومة الكرائية التي سبق تحديدها في عقد الكراء والتي يرى أنها غير مناسبة لمزايا المحل موقعه ومساحته والكل داخل اجل ثلاثة شهور من تاريخ عقد الكراء.
ثم بعد ذلك صدر قانون 6399 الذي عدل وتمم ظهير 25/12/80 ثم قانون 46.99 المتعلق باستيفاء الوجيبة الكرائية.
أهمية عقد الكراء الاجتماعية والاقتصادية
لم يعرف عقد الكراء إلا بعد وقوع تحول بالطبقات الاجتماعية أي بعد ظهور طبقة وسطى بين طبقة الملاك والعبيد وكانت الطبقة الوسطى تعمل بأرض الملاك وتسكن بيوتهم وبهذا برزت الحاجة إلى قيام عقد الكراء الذي حدد العلاقة القانونية بين الطبقتين وهذا ما حدى بطبقة الملاك إلى بناء منازل ودور وبيوت من أجل كرائها لمن لا محل له أو حاجة في امتلاك مسكن يأوي إليه ويظهر أن عقد الكراء هو إحدى مقومات الطبقة الوسطى والفقيرة كما انه بالنسبة للطبقة الغنية أهم سبيل لاستغلال الأموال وإنعاشها ومن مميزاته إحداث تواصل طيلة أمده بين المكري والمكتري ويبين حقوقهم وواجباتهم.
مفهوم السبب الشرعي للمطالبة بالإفراغ
يقصد بالسبب الشرعي المبرر لإفراغ المكتري المبرر القانوني أو التعاقدي الذي اعتمد في إقامة دعوى المصادقة على الإنذار وإفراغ المكتري بمعنى آخر إخلال بالتزام نص عليه في عقد الكراء أو نتيجة موجب قانوني.
ويمكن تصنيف هذه الأسباب إلى نوعين:
أسباب موجبة للإفراغ وأسباب غير موجبة له
وقد تم استخلاص ذلك من نص الفصل 11 من ظهير 25/12/80 والذي نص على "***"
وذكر المشرع عبارة اعتبارا لأسباب المثارة تفيد أن هناك أسباب لم يتأت ذكرها أو الإشارة إليها والتي هي خاضعة لتقدير القاضي في إطار سلطته بعد دراسته للحجج التي اعتمدها المكري في طلب الإفراغ وذلك حسب ظروف النازلة ومعطياتها أن الأسباب الملزمة فان المشرع عمد إلى تعدادها وافرد لها نصوص خاصة ويظهر ذلك من قراءة الفصول 12و13و14 و15 من الظهير والفصل 19 من قانون 99-63 المعدل والمتمم له الذي أضاف قيودا لا يعتبر فيها السبب قائما منها:
§ إذا ورد في عقد الكراء نص مخالف
§ إذا وافق على ذلك المكري كتابة
§ إذا كان المحل سوف يستغل من طرف المتخلى أو المتولي له لممارسة نفس النشاط المهني الذي مارسه بهذا المحل المكتري الأصلي.
ويظهر أن الأسباب المبررة للإفراغ هي مفتاح المطالبة بالإفراغ مما يتعين التحقق والتحري هي الوسائل قيامها قبل إصدار الحكم اعتماده على انه حكم يمس باستقرار المكتري يجعله ملزم بالبحث عن محل بديل قد لا يكون مستعدا لتحمل أعبائه خاصة إذا كان محله السابق يكتريه بثمن زهيد ومناسب لوضعه المادي وبسبب احتياجه لمحل يضطر ه كراء محل جديد بثمن قد يثقل كاهله. وبعد استعراضنا لمفهوم السبب الشرعي ننتقل إلى استعراض الأسباب المبررة للإفراغ.
· سبب الإفراغ للتماطل
إن من أهم الالتزامات الملقاة على عاتق المكتري هو أداؤه لواجبات الكراء مقابل انتفاعه بالعين المكراة فإذا وجه المكري للمكتري إنذارا بالأداء وبقي دون جدوى تحقق معه هذا السبب.
وقد نص في المادة 10 من قانون 63.99 طريقة تبليغ الإنذار للمكتري والذي ورد فيه " يبلغ الإخطار بالإفراغ بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بإحدى الطرق المشار إليها في الفصول 37-38-39 ق م م أو بواسطة الأعوان القضائيين طبقا لمقتضيات القانون 80-41 المتعلق بإحداث الأعوان القضائيين وتنظيمها الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.80.440 بتاريخ 25/12/1980" إلا أن المشرع لم يحدد مدة معينة لإمهال المكتري بالأداء بخلاف القانون المصري الذي حددها في 15 يوما، وهذا يعني أن تحديد مدة أمر لازم حتى يتسنى معرفة الأمد الذي حدده المكري من اجل قيام المكتري بالأداء وإلا عد في حالة تماطلوقد استقر الاجتهاد القضائي على أن هذه المدة يتعين أن تكون معقولة وقد نصت الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور على أن مدة الإشعار تبتدئ من تاريخ تسلم الرسالة.