1- مفهوم الالتزام
تعريف الالتزام تتجاذبه مدرستان الأولى تسمى المدرسة الشخصية وتعرف الالتزام (الحق الشخصي) بأنه:" رابطة قانونية بين شخصين احدهما دائن والأخر مدين، ويترتب بمقتضاها على الطرف المدين تجاه الطرف الدائن نقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن العمل". والثانية تسمى المدرسة المادية وتعرف الالتزام بكونه " وضع قانوني يكون بمقتضاه شخص معين مكلفا بنقل حق عيني أو بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل "
من خلال هذين التعريفين يتضح ما يلي:
أنه في نطاق المدرسة الشخصية هناك تركيز على الرابطة التي تجمع طرفي الالتزام، مما يعني أن الالتزام لن يقوم إلا بوجود الطرفين، مما يترتب عنه استحالة انتقال الالتزام سواء من ناحية المدين عن طريق حوالة الدين أو من ناحية الدائن عن طريق حوالة الحق.
وفي نطاق المدرسة المادية هناك أهمية للجانب المادي كعنصر أساسي في الالتزام، هذا يعني أن هذا التعريف يوافق ما وصل إليه النظام الاقتصادي من تطور وسرعة في حركية الأموال، كما أنه يمكن من انتقال الالتزام إلى غير طرفيه عن طريق حوالة الحق والدين وكذا الإنابة القانونية. التعريف المادي للالتزام يستوعب حالة قيام الالتزام من جانب المدين دون تحديد شخص الدائن الذي يكفي أن يكون موجودا عند مرحلة التنفيذ.
المشرع المغربي جمع بين المدرستين معا، فمن ناحية اعتبر العقد كمصدر أساسي للالتزام لكنه مع ذلك سمح للإرادة المنفردة بأن تولد التزامات في بعض الحالات، كما انه أجاز حوالة الحق.
2- أركان الالتزام
يتكون الالتزام من ثلاثة أركان هي:
الركن الأول: طرفا الالتزام
الالتزام لا يقوم إلا بين شخصين يطلق عليهما طرفا الالتزام، فهو ينشئ بين هذين الشخصين رابطة قانونية. هذه الرابطة هي التي تميز بين الحق الشخصي والحق العيني. فالحق الشخصي هو رابطة بين شخصين، صاحب الحق (الدائن) والمدين. بينما في الحق العيني تكون الصلة مباشرة بين صاحب الحق والشيء محل الحق. ويترتب عن ذلك أن الدائن بحق شخصي لا يستطيع الحصول على حقه دون تدخل المدين و مطالبته به، أما صاحب الحق العيني فإنه يحصل على حقه مباشرة من الشيء دون وساطة شخص آخر، فالمالك مثلاً (المنزل) ينتفع مباشرة بما يملكه بكافة وجوه الانتفاع دون وساطة احد فالحق العيني سلطة مباشرة لا تزاحمها سلطة أخرى.
الركن الثاني: موضوع أو محل الالتزام
يعرف محل الالتزام بأنه الأمر الذي يتعلق به الالتزام أو الفائدة المالية المقصودة في النهاية من الالتزام. فمحل الالتزام هو عمل المدين ذاته والذي هو مجبر على أدائه للدائن، هذا العمل الذي يلتزم به المدين يكون إما:
1- إعطاء شيء: يعني الالتزام بإنشاء أو بنقل حق عيني على منقول أو عقار ، كالتزام بائع بنقل ملكية الشيء المبيع.
2- القيام بعمل شيء: معناه أن يقوم المدين بعمل معين لمصلحة الدائن كرسم لوحة فنية أو إجراء عملية جراحية أو بناء مسكن.
3- الالتزام بالامتناع عن عمل ويسمى أيضا الالتزام السلبي ويقصد به امتناع المدين عن القيام بعمل معين. كالتزام الجار الذي تعهد لجاره بعدم الارتفاع ببنائه عن حد معين، واشتراط مشتري محل تجاري على البائع عدم ممارسة نوع معين من التجارة في المكان الذي يقع فيه المحل المبيع.
تجدر الإشارة إلى أن هذا المحل يجب أن يكون ذا قيمة مالية أي أن تكون له فائدة اقتصادية تؤثر على الذمة المالية لطرفي الالتزام. و إذا لم يكن محل الالتزام ذو قيمة مالية فلا نكون إزاء التزام قانوني وإنما إزاء واجب قانوني، فتربية الأطفال مثلاً هي واجب قانوني وليست التزاماً لأنها لا تقوم بالنقود. إلا انه لا يشترط أن تكون مصلحة الدائن من الأداء مالية فقد تكون مصلحته معنوية، فمن يتعاقد مع فنان على إحياء حفلة غنائية أو لمشاهدة مسرحية تكون مصلحته أدبية هي الترفيه عن النفس بينما عرض المسرحية أو الحفلة الغنائية هو التزام المدين هو أداء مالي يقوم بالنقود .
الركن الثالت: الجزاء
تنفيذ محل الالتزام يكفله جزاء قانوني، فالدائن لديه الوسيلة القانونية اللازمة لإجبار المدين على القيام بالعمل المطلوب في حالة عزوفه عن التنفيذ. وتتمثل هذه الوسيلة في الدعوى، فللدائن حق الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بتنفيذ ما هو مستحق له من قبل المدين. و عنصر المسؤولية هذا المرتبط بالالتزام هو الذي يميز الالتزام المدني عن ما يسمى بالالتزام الطبيعي الذي و إن غاب عنه عنصر المسؤولية فإن عنصر المديونية يظل قائما، وهكذا ففي حالة تقادم الدين فإن الدائن لا يستطيع إجبار المدين على تنفيذ التزامه، أما إذا قام المدين فأدى ما كان بذمته فلن يتمكن من استرداد ما أداه بدعوى أنه كان يجهل واقعة التقادم. فلكون المدين أدى دينا لم يكن مجبرا قانونا على أداءه سمي التزاما وبالنظر إلى كونه أداه في وقت لم يكن فيه ملتزما به قانونا سمي طبيعيا
man9ol