تعتبر الأوراق التجارية من أهم ما ابتدعه الفكر البشري بعد النقود لتيسير التعامل بين الأشخاص على الصعيد الوطني و الدولي، .فقد لعبت دورا مهما في الحياة التجارية قديما وحديثا، لذلك أولتها مختلف التشريعات و المعاهدات عناية فائقة باعتبارها دولبا من دواليب الاقتصاد.
والأوراق التجارية تعرف تطورا مطردا و متزايدا سواء من حيث شكلها أو من مضمونها، وذلك لأنها أساس المعاملات المصرفية والمالية ، وبالرجوع إلى مدونة التجارة لسنة 1996 نجدها قد نظمت التعامل بالأوراق التجارية في الكتاب الثالث المواد من 159 إلى 328 من مدونة التجارة ، فهذه تطرقت إلى تعداد الأوراق التجارية في كل من الكمبيالة والشيك و السند لأمر ،إلا أنها لم تعرف المقصود بالأوراق التجارية وكتعريف لهذه الآخرة يمكن القول أنها سندات يتعامل بها بسهوله للوفاء في المعاملات التجارية عوض النقود دون أن تكون لها خصائص النقود .
ورغم ما يحققه التعامل بالأوراق التجارية من إيجابيات تتمثل أساسا في تكريس طابع السرعة والائتمان بالإضافة إلى حماية المتعاملين بها من مخاطر التعامل بالنقود فإن استعمال هذه الأوراق التجارية لا يخلو من مشاكل ومنازعات تتعلق أساسا بالشكليات والبيانات الأساسية التي يجب أن تتضمنها هذه السندات ،وكذا بالمنازعات المتعلقة بوفاء مقابلها .
فنظرا الأهمية الأوراق التجارية والدور الذي تلعبه في النسيج الاقتصادي فإن الأمر يستدعي تدخل القضاء كلما عرض عليه نزاع لحل الإشكالات الناجمة عن تداول هذه السندات التجارية
أما عن تدخل القضاء فقد يتعلق الأمر بالنزاع الذي قد ينشأ بين المتعاملين بالورقة التجارية والمتعلقة بتخلف شرط من شروط صحة الورقة التجارية أو باللجوء إلى القضاء قصد استصدار أمر قضائي باستخلاص قيمة الوراقة التجارية جبرا في حالة عدم إقدام المدين على وفاتها طواعية.
وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن أهم النزاعات التي يمكن أن تنشأ عن التعامل بهذه الأوراق التجارية ؟
للإجابة على هذا السؤال ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين:
نتناول في المبحث الأول: المنازعات المرتبطة بالبيانات الإلزامية المتطلبة في الأوراق التجارية
ثم في المبحث الثاني مسطرة الأمر بالأداء كضمانة قانونية وضعها المشرع لاستخلاص قيمة الورقة التجارية.
المبحث الأول: المنازعات المرتبطة بالبيانات الإلزامية المتطلبة في الأوراق التجارية
تنص المادة 9 من مدونة التجارة على أنه:"يعد عملا تجاريا بصرف النظر عن المادتين 6 و7:
-الكمبيالة؛-السند لأمر الموقع ولو من غير تاجر، إذا ترتب في هذه الحالة عن معاملة تجارية."من خلال المادة المذكورة أعلاه، فإن الكمبيالة تعد عملا تجاريا بحسب الشكل بغض النظر عن صفة الأطراف المعنية بأمر التوقيع على هذه الورقة التجارية، وعن الغرض الذي من أجله تعاملوا بها، ويتبين أيضا أن السند لأمر يعتبر عملا تجاريا بحسب شكله من دون أي قيد أو شرط آخر بالنسبة للطرف التاجر، وأنه لا يعتبر تجاريا بالنسبة للموقع عليه غير التاجر إلا إذا كان توقيع هذا الأخير على السند مترتبا على معاملة تجارية.
أما بالنسبة للشيك، فإنه لا يكون تجاريا إلا إذا تم سحبه، أو تظهيره من أجل التداول، أو التوقيع عليه من أجل الضمان الاحتياطي، من طرف تاجر لأغراضه التجارية[1]، لذلك فلا يصح إطلاق وصف الورقة التجارية إلا بالنسبة للأوراق المنظمة بمقتضى مدونة التجارة، وهو ما قررته محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في القرار الصادر عنها بتاريخ 01-12-98 والذي جاء فيه:" حيث إن الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من القانون المحدث للمحاكم التجارية يعطى لها الاختصاص فيما يخص الأوراق التجارية، والمقصود بها ما نظمته مدونة التجارة في الباب الثالث، إذ نصت على الأوراق التجارية وهي الكمبيالة والسند لأمر والشيك، ونظمت النصوص الواجبة التطبيق بشأنها، وبالتالي فإن الفواتير المتمسك بها لا تدخل ضمن نطاق الأوراق التجارية المذكورة أعلاه، مما يكون معه الدفع غير مرتكز على أساس، ويتعين رده"[2].
هذا وينبغي التأكيد على أن الاختصاص ينعقد للمحكمة التجارية إذا تعدت قيمة الورقة التجارية 20.000 درهم، بموجب التعديل المدخل على قانون المحاكم التجارية، وبالتالي إذا قلت قيمة الورقة التجارية عن المبلغ المذكور، فالاختصاص يبقى للمحكمة الابتدائية ذات الولاية العامة.
إن المحكمة التجارية لا تكون مختصة نوعيا للبت في النزاع المتعلق بالأوراق التجارية، إلا إذا توفرت الشروط والبيانات الإلزامية والتي حددها المشرع في مدونة التجارة ليتم وصفها أوراقا تجارية[3] .
لذلك، ومن أجل التفصيل في موضوع البيانات الشكلية المتطلبة في الأوراق التجارية، سنقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب، نخصص الأول للمنازعات المرتبطة بشكليات الكمبيالة، ونتطرق في الثاني للمنازعات المرتبطة بالسند لأمر على أن نتحدث في المطلب الثالث للمنازعات المرتبطة بشكليات الشيك.المطلب الأول: المنازعات المرتبطة بشكليات الكمبيالة
تجدر الإشارة في البداية إلى أن الكمبيالة منظمة بمقتضى المواد من 159 إلى 333 من مدونة التجارة، وفيما البيانات الإلزامية الواجب توفرها في الكمبيالة، فإن المادة 159 من مدونة 159 من مدونة التجارة تنص على أنه:" تتضمن الكمبيالة البيانات التالية:
1-تسمية "كمبيالة" مدرجة في نص السند ذاته وباللغة المستعملة لتحرير؛
2-الأمر الناجز بأداء مبلغ معين؛
3-اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه)؛
4-تاريخ الاستحقاق؛
5-مكان الوفاء؛
6-اسم من يجب الوفاء له أو لأمره؛
7-تاريخ ومكان إنشاء الكمبيالة؛8-اسم وتوقيع من أصدر الكمبيالة (الساحب)."وهكذا، فبالرجوع إلى المادة أعلاه، نجد الشكليات والبيانات اللازم توفرها في الكمبيالة، فمجرد توافر الشكل المعين الذي حدده القانون يكفي في هذا الإطار لاعتبار الكمبيالة عملا تجاريا، بصرف النظر عن موضوع هذه الكمبيالة، أو الغرض منها، وبالتالي ينعقد الاختصاص للمحكمة التجارية للبت في المنازعات الناشئة عن عدم احترام الشكليات المتطلبة قانونا، وإذا ما تم احترام هذه الشكليات، فإن الكمبيالة تستمد قوتها التنفيذية من ذاتها بعيدة من السبب الذي أنشئت من أجله، وهذا ما أكده قرار صادر عن المجلس الأعلى[4]، كما أن الكمبيالة المستوفية للبيانات الإلزامية مثبتة للمديونية، ولا جدوى من ادعاء الوفاء بقيمتها إذا لم يدعم بحجج مقبولة[5]، وقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى أنه:" ينشأ الالتزام الصرفي بمجرد التوقيع على الكمبيالة المستجمعة لكافة شروطها الشكلية، ولايجوز للمسحوب عليه أن يحتمي بعدم وجود مقابل الوفاء عند الاستحقاق مادام قد وقع عليها بالقبول"[6].
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن إثارة شكليات الكمبيالة، أمام المحكمة التجارية، أو محكمة الاستئناف التجارية، إلا أنه لا يمكن إثارة الدفع بعدم احترام شكليات الكمبيالة لأول مرة أمام المجلس الأعلى، وهذا ما أكده العمل القضائي المغربي، حيث اعتبر أن إثارة شكليات الكمبيالة أمام المجلس الأعلى لأول مرة غير مقبول[7].
وبالنسبة لتقادم الدعاوى الناتجة عن الكمبيالة ضد القابل، فإنها تتقادم بمضي 3 سنوات، ابتداء من تاريخ الاستحقاق تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 228، وهذا ما أكده قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالبيضاء[8]، حيث ورد فيه أن الكمبيالة تتقادم بمرور 3 سنوات من تاريخ الاستحقاق. بعد أن تطرقنا في المطلب الأول للمنازعات المرتيطة بشكليات الكمبيالة، سننتقل للتطرق في المطلب الثاني للمنازعات المرتيطة بشكليات السند لأمر.
المطلب الثاني: المنازعات المرتبطة بشكليات السند لأمرتجدرالإشارة في البداية إلى أن السند لأمر منظم بمقتضى المواد من 232 إلى 238 من مدونة التجارة، وبالنسبة للبيانات الإلزامية الواجب توفرها في السند لأمر، فتنص المادة 232 من مدونة التجارة على أنه:
"يتضمن السند لأمر البيانات الآتية:
أولا: اشتراط الوفاء لأمر أو تسمية السند بأنه لأمر مدرجا في السند ذاته، ومعبرا عنه بللغة المستعملة لتحريره؛
ثانيا: الوعد الناجز بأداء مبلغ معين؛
ثالثا: تاريخ الاستحقاق؛
رابعا: مكان الوفاء؛
خامسا: اسم من يجب الوفاء له أو لأمره؛
سادسا: تاريخ ومكان توقيع السند؛
سابعا: اسم وتوقيع من صدر عنه السند (المتعهد)."فالسند لأمر لا يعتبر عملا تجاريا بحسب شكله، إلا إذا توفر فيه شرطان:
الشرط الأول يتمثل في ضرورة تضمين السند البيانات الإلزامية المحددة في المادة 232 المذكورة أعلاه.
والشرط الثاني يستوجب أن يترتب توقيع السند لأمر على معاملة تجارية إذا كان من قام بالتوقيع عليه غير تاجر[9]، فالاختصاص ينعقد للمحكمة التجارية للنظر في المنازعات الناتجة عن هذا النوع من الأوراق التجارية، ويتوقف ذلك على توفر الشرطين المذكورين حتى تبت المحكمة التجارية في منازعة أثيرت أمامها تتعلق بشكليات السند لأمر، وفي حالة تخلف هذا الشرط الثاني، فإن الاختصاص ينعقد للمحكمة الابتدائية، وهذا ما أكده قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء[10]، حيث ورد فيه:
" وحيث إنه بخصوص الدفع المتعلق بأن سحب السند لأمر يعتبر عملا تجاريا، وكذا المعاملة القائمة بين الطرفين تطبيقا للفصل 9 من مدونة التجارة، فإنه دفع مردود، لأن الورقة العادية المدلى بها تدعيما للدين لا يمكن إطلاق اسم سند لأمر عليها لعدم توفر الشروط القانونية والبيانات المتطلبة في الفصل 232 من مدونة التجارة، هذا فضلا على أنه إذا كانت المستئنفة تاجرة لأنها شركة مساهمة وذلك طبقا للفصل 1 من قانون رقم 95/17 فإن المستأنف عليه مجرد عامل كما هو ثابت من العقد المدلى به، و لا يوجد بالملف ما يفيد أنه وقع على الوثيقة المدلى بها كسند لأمر لغرض تجاري.
وحيث إنه إذا كانت الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من قانون إحداث المحاكم التجارية تنص على أنه يمكن الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر، فإنه وبمفهوم المخالفة لا يمكن مقاضاة غير التاجر أمام المحكمة التجارية إلا بوجود اتفاق".هذا ويمكن من طبيعة الحال للمحكمة إثارة عدم الاختصاص النوعي لتعلقه بالنظام العام[11] .
ومن طبيعة الحال، فالسند لأمر المستوفي للبيانات المنصوص عليها في المادة 232 من مدونة التجارة، والموقع عليه بالقبول من طرف المدعى عليه يجعل هذا الأخير ملزما التزاما صرفيا بأداء قيمته، وهذا ما أقره حكم صادر عن المحكمة التجارية بوجدة[12]، وقد صدر عن نفس المحكمة حكما ورد فيه: "المحاكم التجارية تختص للبت في الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية بغض النظر عن صفة موقعيها وطبيعة الأعمال المسحوبة"[13].
وتجدر الإشارة أخيرا أنه بالنسبة للسند الذي يفقد خصوصيته كورقة تجارية لتقادمه، يصبح سندا عاديا مثبتا للدين، وهذا ما أكده قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء[14]. بعد أن تطرقنا للمنازعات المرتبطة بكل من الكمبيالة والشيك، سننتقل للتطرق في المطلب الثالث للمنازعات المرتبطة بالشيك.
المطلب الثالث: المنازعات المرتبطة يشكليات الشيكلم ينص المشرع المغربي على اعتبار الشيك عملا تجاريا على غرار كل من الكمبيالة والسند لأمر، ذلك أن المادة 9 من مدونة التجارة لا تشير إلا لهاتين الورقتين، لذلك فالشيك يعتبر عملا مدنيا في الأصل، بحيث إنه لا يأخذ الوصف التجاري إلا في إطار الأعمال التجارية بالتبعية[15].
وتجدر الإشارة إلى أن مدونة التجارة نظمت الشيك بمقتضى المواد من 239 إلى 328، وفيما يخص الشكليات اللازم توفرها في الشيك، فتنص المادة 239 من مدونة التجارة علىأنه:"يتضمن الشيك البيانات التالية:
أولا: تسمية شيك مدرجة في السند ذاته وباللغة المستعملة لتحريره؛
ثانيا: الأمر الناجز بأداء مبلغ معين؛
ثالثا: اسم المسحوب عليه؛
رابعا: مكان الوفاء؛
خامسا: تاريخ ومكان إنشاء الشيك؛
سادسا: اسم وتوقيع الساحب."فإذا ما تم احترام البيانات الإلزامية المذكورة أعلاه، استمد الشيك قوته التنفيذية بعيدا عن سببه، وهذا ما أكده العمل القضائي المغربي، حيث ورد في قرار صادر عن المجلس الأعلى أن:" لما كان الشيك الحامل لجميع البيانات الإلزامية يعتبر وظيفيا أداة صرف ووفاء فهو يستحق الأداء بمجرد الإطلاع عليه، وأنه كسائر الأوراق التجارية الأخرى يتميز بخاصية التجريدأي أنه يتداول بعيدا عن سببه.
ولذلك فإن حامله يعتبر دائنا لساحبه بالمبلغ المقيد به دون أن يكون ملوما بأن يبين السبب الذي تسلم من أجله الشيك الذي أرجع إليه بدون رصيد"[16].
وعلى العموم فإن البيانات المنصوص عليها في المادة 239 من مدونة التجارة، تعتبر بيانات إلزامية، وقد اعتبرت المحكمة التجارية بمراكش أن:
"عم تقديم الشيك للاستخلاص لدى المسحوب عليه يجعل دعوى المطالبة بقيمة الشيك غير مقبولة شكلا"[17]. لكن الإشكال المطروح: هو ما حكم الشيك المخالف للنماذج المسلمة من المؤسسات البنكية أو الذي ينقصه أحد البيانات الإلزامية؟ إنه في هذه الحالة يفقد صبغته كورقة تجارية، ويعتبر سندا عاديا لإثبات الدين إذا توفرت شروط هذا السند، وفي هذه الحالة، يخرج من اختصاص المحاكم التجاربة ويصبح من اختصاص المحاكم العادية[18] .
وينبغي التأكيد أنه إذا توفرت في الشيك الشروط المتطلبة قانونا، يكون البنك المسحوب عليه ملزما بأداء قيمته المحررة بالأحرف عند الاختلاف مع الأرقام، ويتحمل البنك المسحوب عليه مسؤولية عدم الأداء، وهذا ما أكده حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط[19].
وبالإضافة إلى كل ما ذكر، فإنه في حالة المنازعة بقيمة ورقة تجارية فإنه يتعين الإدلاء بالأصل، وعند تعذر ذلك، يتعين اللجوء إلى رئيس المحكمة، وهذا ما أقره حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط[20]، حيث ورد فيه:
"المطالبة بقيمة الورقة التجارية تستلزم الإدلاء بالأصل، وعند تعذره يتعين اللجوء إلى رئيس المحكمة للحصول على نظير".بعد أن تطرقنا في المبحث الأول للمنازعات المتعلقة بالبيانات الإلزامية المرتيطة بالأوراق التجارية، سننتقل للتطرق في المبحث الثاني إلى مسطرة الأمر بالأداء باعتبارها وسيلة قانونية للوفاء بقيمة الورقة التجارية.
المبحث الثاني مسطرة الأمر بالأداء ضمانة قانونية للوفاء بقيمة الورقة التجارية
الأصل أن الأوراق التجارية تلعب دورا أساسيا في المعاملات الاقتصادية إلا أنه سرعان ما تنتهي دورة التعامل بهذه الأوراق وذلك بالحصول على مقابلها أي الوفاء بقيمة الورقة التجارية .
وإذا كان الأصل أن يكون الوفاء طواعية، بما أنه يشكل دينا في ذمة الساحب أو المتعهد فإنه قد يحدث أن يتعنت هذا الأخير في الوفاء الأمر الذي دفع المشرع إلى التدخل وإعطاء الحق في اللجوء على المسطرة القضائية للحصول على مقابل الورقة التجارية عبر سلوك مسطرة الأمر بالأداء [21] .
والأمر بالأداء هو وسيلة تمنح لحائز الورقة التجارية أن يستصدر اعتمادا عليها وفي غيبة خصمه أمرا قضائيا باستيفائها [22]، والغرض الأساسي من هذه المسطرة هو تمكين الدائن من سند تنفيذي لاستيفاء دينه الذي هو عبارة عن مبلغ مالي في أقصر وقت وبأقل التكاليف [23] ، وكي يتم تحقيق هذه الأهداف التي تعتبر من أهم ركائز المعاملات التجارية ، فقد أعاد المشرع المغربي تنظيم مسطرة الأمر بالأداء بمقتضى القانون المحدث بموجبه المحاكم التجارية [24]، فما هي إذن أهم مميزات هذه المسطرة أمام المحاكم التجارية .
فبالرجوع إلى مدونة التجارة السالفة الذكر نجدها قد نظمت هذه المسطرة بمقتضى مادة وحيدة وهي المادة 22 التي تنص على أنه: يختص رئيس المحكمة التجارية بالنظر في مقالات الأمر بالأداء المبنية على الأوراق التجارية، والسندات الرسمية تطبيقا لأحكام الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية، في هذه الحالة وخلافا لمقتضيات الفصلين 161-162 من قانون المسطرة المدنية لا يوقف أجل الاستئناف والاستئناف نفسه تنفيذ الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة ، غير أنه يمكن لمحكمة الاستئناف التجارية أن توقف التنفيذ جزئيا أو كليا بقرار معلل .
فالمادة أعلاه تفيد أن الاختصاص ينعقد لرئيس المحكمة التجارية للبت في تأدية مبالغ مالية وذلك كلما تجاوز المبلغ 1000 درهم مستحق الأداء بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي ، والملاحظ أن المشرع باستثناء الفقرة الثانية من المادة 22 من مدونة التجارة التي نصت على أن أجل الاستئناف أو الاستئناف لا يوقف تنفيذ الأمر القاضي بالأداء والذي تقتضيه طبيعة المعاملة التجارية ، فالمادة 22 أحالت على الأحكام لعامة الواردة في قانون المسطرة المدنية ن ومن خلال استقراء الفصول الواردة في الباب الثالث من القسم الرابع من ق م م ، و كذا المادة 22 من المدونة التجارية باعتبارها النص الخاص الوحيد الذي نظم مسطرة الأمر بالأداء أمام رئيس المحكمة التجارية .
وهكذا سنتطرق لشروط الأمر بالأداء المرفوع إلى رئيس المحكمة التجارية ( المطلب الأول ) سواء ما تعلق بالشروط الشكلية ( الفقرة الأولى ) أو الموضوعية ( الفقرة الثانية ) على أن نتطرق في ( المطلب الثاني ) لإشكالية إلزامية محضر الاحتجاج بعدم الوفاء ومدى اعتباره شرطا أساسيا لقبول مقال الأمر بالأداء وفي هذا الصدد اختلفت اتجاهات محاكم المملكة بين القول بإلزامية هذا المحضر لقبول مقال الأمر بالأداء ( الفقرة الأولى ) وبين لاتجاه القائل بعدم إلزاميته ( الفقرة الثانية ).
المطلب الأول: شروط استصدار الأمر بالأداء
إن إصدار رئيس المحكمة التجارية لأمره بأداء المبلغ المالي المستند على ورقة تجارية يتوقف على شروط موضوعية تتعلق أساسا بالدين المطالب به وبشخص المدين (الفقرة الثانية ) وشروط شكلية تخضع في المبدأ للقواعد العامة في التقاضي( الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى: الشروط الشكلية
قبل التطرق للشروط الشكلية لقبول طلب الأمر لابد من التطرق للمؤسسة المختصة بالنظر في هذه الطلبات، فاستنادا إلى المادة 22 من القانون رقم 53-95 يتضح أن رئيس المحكمة التجارية يختص بالنظر في طلبات الأمر بالأداء كلما كان المبلغ المطالب به أزيد من 1000 درهم ومثبت في ورقة تجارية ، إلا أنه وما دامت المادة 22 السالفة الذكر قد أحالت على ق م م بخصوص الأحكام العامة لمسطرة الأمر بالأداء ، فإنه بالرجوع إلى العمل القضائي نلاحظ أن المجلس الأعلى قد استقر على قبول طلبات الأمر بالأداء ممن يعينه رئيس المحكمة ، حيث اتجه في قرار عدد 1017 إلى أن : نائب رئيس المحكمة يحل محله في ممارسة السلطة المخولة له بمقتضى الفصل 158 من ق م م إذا مارس النائب هذه المهام بمقتضى تفويض من رئيسه [25]. ونعتقد أن هذه الإمكانية هي جديرة بالتأييد خاصة أمام كثرة مهام رئيس المحكمة التجارية من جهة، وكثرة إقدام الدائنين على هذه المسطرة مما جعلها من أكثر المساطر تطبيقا أمام المحاكم التجارية إذ تشكل ما يفوق ربع القضايا المسجلة بهذه المحاكم [26]، حيث يمكن القول حسب رأي أستاذنا محمد المجد وبي الإدريسي بأن نجاح المحاكم التجارية مستمد بشكل كبير من هذه المساطر[27] .
وطلب الأمر بالأداء باعتباره يقوم مقام مقال رفع الدعوى، فإنه يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط والشكليات التي يترتب على عدم احترامها لحكم بعدم قبول الطلب وهذه الشروط هي:
أ : أن يرفق الطلب بالسند المنبث للدين الذي يجب أن يكون سليما ومس توفيا لكل الشكليات الضرورية ، وهذا الشرط كرسته مجموعة من الاجتهادات القضائية على سبيل المثال حكم المحكمة التجارية بالرباط والذي جاء فيه : إنه بخصوص الأداء في مادة الأوراق التجارية فإن المشرع نظم مقتضياتها بطرق خاصة تستلزم الإدلاء بالأصل ، وعند تعرضه للضياع أو السرقة فإن المشرع نظم مسطرة خاصة منصوص عليها في الفصل 191 م ت للحصول على نظير ثان أو ثالث أو رابع من أمر لرئيس المحكمة وبعد تقديم كفالة وهو ما لم يتم في هذه النازلة [28]. ولذلك صرحت المحكمة بعدم قبول طلب الأمر بالأداء لوجود إخلال شكلي جوهري يتمثل في عدم إرفاق طلب الأمر بالأداء بالسند المتبث للدين، وبالإضافة إلى ضرورة مقال الأمر بالأداء بسند الدين المتبث لصحته والذي تنص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 156 من ق م م ن فهناك بعض المستندات الإضافية عير سند الدين، كما هو الحال عند تقديم المقال من طرف الوكيل إذ عليه الإدلاء بالوكالة، كما أنه في حالة تعدد المدينين فيجب على الدائن أن يرفق مقال الأمر بالأداء بعدد كاف ومساو لعدد المدينين ، فرغم أن المسطرة غير تواجهية إلا أن هذه النسخ تحتاجها كتابة الضبط لتبليغ الأمر بالأداء عند صدوره .
أما بخصوص وثيقة تبليغ الأمر بالأداء ومدى إلزامية إرفاق وثيقة التبليغ بالإضافة إلى نسخة من مقال الأمر بالأداء بسند الدين، فنلاحظ أن العمل القضائي لم ينحو نفس المنحى ، فهناك من الاجتهادات من سارت على عدم إلزامية إرفاق وثيقة التبليغ بسند الدين موضوع الأمر بالأداء وفي هذا المنحى قضى المجلس الأعلى في إحدى قراراته بأنه : ليس من المنطقي أن يبلغ مع الأمر بالأداء سند الدين لما في ذلك من إمكانية تعرضه للضياع وليس في المادة 161 من ق م م ما يوجب ذلك ، بل يكفي أن يتضمن التبليغ إلى جانب ملخص المقال مجرد التعريف بند الدين ، وإذا كان هذا الرأي قد اتجه إلى عدم إلزامية إرفاق التبليغ بسند الدين فإن هناك اتجاها آخر قد اتجه اتجاها معاكسا ، وهو قرار المجلس الأعلى الذي نص : على أن الأمر بالأداء يجب أن يبلغ مع نسخة من سند الدين وإلى كان باطلا وللمستأنف أن يتمسك ببطلانه ويعتبر كأن لم يكن [29]،ونعتقد أن هذا الاجتهاد مصادف للصواب فرغم أن المادة 161 من ق م م تنص على أن : وثيقة التبليغ يجب أن تشمل على نسخة من المقال وسند الدين ..... إلا أن هذا المقتضى من شأنه أن يعرض سند الدين للضياع باعتبار هذا السند قد يكون هو الحجة الوحيدة على وجود الدين محل الأمر بالأداء، وضمانا لحق المبلغ إليه في معرفة سبب نشوء هذا الدين المطالب بأدائه، فإن تبليغه بنسخة من هذا السند المنشئ للدين يكفي في التبليغ و إعلامه.
ب: أن يرفع الطلب بمقال مكتوب موقع عليه من طرف محام طبقا للمادة 13 من قانون المحاكم التجارية، ويتضمن الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن الأطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب، وقد ثار نقاش كبير حول وجوب الاستعانة بمحام لتقديم مقالات الأمر بالأداء ، فهناك اتجاه لا يرى بهذا الإلزام لمجموعة من الأسباب أهمها كون طلب الأمر بالأداء لا تتصور فيها المسطرة الكتابية التي تقتضي تبادل المذكرات بل هي تمارس في غيبة الخصم وبدون مرافعته ، إلا أنه بالرجوع إلى المادة 31 من قانون المحاماة لسنة [30]1993 والمادة 13 من القانون المحدث للمحاكم التجارية وكذا الشكل المتطلب في رفع طلب الأمر بالأداء والذي هو ( مقال ) وكذا إلى النماذج التي تعدها وزارة العدل لرفع هذه الطلبات ، يتضح أن طلب الأمر بالأداء يقتضي بالضرورة الاستعانة بالمحامي وهذا هو الاتجاه الذي حضي بتأييدنا لأسباب المستند عليها
ج: أن يكون للمدين موطن معروف بتراب المملكة، ولا يقبل الطلب إذا كان من الواجب تبليغه بالخارج وذلك طبقا للفصل 157 من ق م م
د: إذا كان مقال الأمر بالأداء يرمي إلى التصريح بمديونية الدولة فإنه يتعين إدخال العون القضائي للمملكة، وذلك طبقا للفصل 514 من ق م م، وهذا المقتضى إجراء شكلي جوهري يترتب عن عدم احترامه عدم قبول المقال.
هده الشروط تتعلق بشكليات قبول طلب الأمر بالأداء، فمادا عن الشروط اللازمة للحكم وفق الطلب ؟
الفقرة الثانية:الشروط الموضوعية
وجدير بالذكر أنه إذا كان الإخلال بأحد الشروط الشكلية يترب عليه دائما عدم قبول الطلب ، فان الحكم في حالة الإخلال بأحد الشروط الموضوعية يختلف حسب نوع هدا الشرط الموضوعي.
و الشروط الموضوعية اللازمة للحكم وفق طلب الأمر بالأداء هي كما يلي :
أولا: أن تتعلق المنازعة بورقة تجارية :
فادا كانت النزاعات المتعلقة بالكمبيالة والسند لأمر لا تثير أي إشكال فيما يخص اختصاص المحاكم التجارية بتطبيق مسطرة الأمر بالأداء [31]، فان الشيك يثير إشكالا كبيرا خاصة أمام غياب موقف تشريعي صريح بشأنه [32]، إلا أنه بالرجوع إلى اتجاهات القضاء في هدا الصدد نجد أن المحاكم التجارية سارت على قبول مسطرة الأمر بالأداء في جميع الحالات التي يكون فيها سند الدين ورقة التجارية ، سواء كانت كمبيالة أو شيكا أو سندا لأمر، وسواء كان المتعامل بها تاجرا أو غير تاجر وفي هدا الصدد اعتبرت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش أن: الشيك يعتبر ورقة تجارية وأن اختصاص قاضي الأمر بالأداء بالبت يستند لمجرد وجود هده الورقة التجارية وليس بسبب القيام بعمل تجاري[33]، ورغم ما يحققه هدا الاتجاه من مميزات أهمها توحيد الاختصاص القضائي بشأن استيفاء الأوراق التجارية، فانه لما كان القضاء التجاري يتميز بمجموعة من المميزات و الايجابيات التي وضعت أساسا لحماية فئة معنية من المتعاملين والدين هم التجار ، فانه يتعين على المحاكم التجارية التدقيق في المعاملات التي تتم اعتمادا على الشيك، وعدم البت في هذه الأوامر إلا ادا كان الشيك المثبت للدين قد تم التوقيع عليه من طرف تاجر أو في إطار نظرية التبعية.
ثانيا ثبوت الدين
أي عدم المنازعة في الدين موضوع المطالبة ، وفي هدا الصدد استقر المجلس الأعلى على رفض طلب الأمر بالأداء كلما تبين لقاضي الأمر بالأداء أن الدين منازع فيه، حيث ذهب [34]إلى أنه بمقتضى الفصل 158 من ق.م.م. فإنه إذا اتضح للمحكمة أن الدين منازع فيه رفضت الطلب وأحالت الأطراف على المحكمة المختصة فيه تبعا للإجراءات العادية، أما بخصوص النزاع في مقابل الوفاء فيمكن أن يتخذ عدة صور، كما إذا تمت المطالبة بإجراء خبرة على الشيك سند الأمر بالأداء مثلا لادعاء التزوير، وهو ما يكون منازعة جدية تفقد قاضي الأمر بالأداء اختصاص البت في هذه الطلبات، وفي هذا الاتجاه اعتبر المجلس الأعلى أن : قاضي الأمر بالأداء يطبق مسطرة استثنائية لا يختص بالنظر فيها إلا إذا كان الدين ثابتا لا نزاع فيه، أما إذا كان سند الدين كمبيالة وكان مقابل الوفاء محل نزاع فحينئذ يرفع الأمر إلى قاضي الموضوع [35].
هناك شرط آخر يتعلق بكون موضوع الطلب مبلغا ماليا* ف 155 ق.م.م * وهدا الشرط لا يثير في الواقع العملي أي إشكال على اعتبار انه ما دامت اختصاصات المحاكم التجارية ترتبط أساسا بالمعاملات التجارية المالية فان طلبات الأمر بالأداء تتعلق أوتوماتيكيا بأداء مبالغ مالية، وفي هدا الصدد نلاحظ أن هذه المسطرة في التشريع المغربي تختلف عن نظيرتها في التشريع الفرنسي، فهذا الأخير عمد إلى إمداد مسطرة الأمر إلى الأمر بالقيام بعمل أو تسليم منقول بنوعه أو مقداره [36].
نفس الاتجاه سار عليه المجلس الأعلى أيضا في قرار آخر قضى فيه أن سند الدين الذي أصبح محل نزاع بين الطرفين يحول معه على المحكمة في نطاق مسطرة الأمر بالأداء أن تبت فيه وكان عليها أن تطبق الفصل 158 من ق.م.م. وحيث لم تفعل اعتبر معه قرارها ناقص التعليل الذي يوازي عدمه ويعرضن بالتالي للنقض [37].
ثالثا أن يتجاوز المبلغ المالي ألف درهم
ينص الفصل 155 من ق.م.م. المحال عليها بالمادة 22 من القانون المحدث للمحاكم التجارية على أن سلوك مسطرة الأمر بالأداء يجب أن يكون في طلب تأدية مبلغ مالي يتجاوز ألف درهم ، و تحديد اختصاص رئيس المحكمة التجارية في هدا المبلغ أمر بديهي ، حتى لا يتم التطاول على اختصاص محاكم الجماعات و المقاطعات، وجدير بالذكر أن أصل الدين وحده المعتمد في تحديد هدا الاختصاص.
أما الصوائر والمصاريف القضائية و أي مصاريف أخرى فإنها لا تدخل في احتساب الاختصاص النهائي وذلك تطبيقا للقاعدة المنصوص عليها في الفصل 11 من ق.م.م. الذي يحدد الاختصاص النهائي استنادا إلى الطلب المجرد.
رابعا أن يكون الدين المثبت في الورقة التجارية مستحقا
يجب أن يكون الدين الذي يطالب به الدائن مستحقا ، أي حال الأجل ولا يكون معلقا على شرط أو مرتبط بأجل، فالدائن في هذه الحالات لا يحق له إجبار المدين على الوفاء بهذا الدين إلا إذا تحقق الشرط أو حل الأجل أو وقع التنازع في الدين. إلا أنه قد يكون الدين مستحقا ومع ذلك لا يأمر رئيس المحكمة التجارية بالأداء و ذلك في حالة افتتاح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة في حق المدين ، حيث تتوقف أو تمنع المتابعات القضائية [38].
تلك إذن مجموعة الشروط الشكلية و الموضوعية لاستصدار الأمر بالأداء و التي يترتب عن عدم توافرها حسب الحالات إما عدم قبول الطلب- الشروط الشكلية- أو رفض الطلب – الشروط الموضوعية-.
المطلب الثاني : مدى إلزامية محضر الاحتجاج بعدم الدفع لقبول طلب الأمر بالأداء
لقد حرص المشرع المغربي على حماية التعامل بالأوراق التجارية ، وذلك لتحفيز اللجوء إلى اعتماد هذه التقنيات نظرا لما تحققه من إيجابيات في المعاملات التجارية ، إلا أنه بالرجوع إلى مدونة التجارة ، نلاحظ ان الشيك وحده ينفرد عن باقي الأوراق التجارية الأخرى بنظام زجري ، وذلك في المواد من 302 إلى 322 من مدونة التجارة ، ولكون موضوعنا يتعلق بالقضاء التجاري ، فإننا سوف نركز على بعض الإشكالات التي تنتج عن التعامل بالأوراق التجارية في ظل العمل القضائي التجاري ، ونخص بالذكر مدى إلزامية محضر الاحتجاج بعدم الدفع لقبول طلب الأمر بالأداء الذي يكون سنده ورقة تجارية ، وسيكون الاجتهاد القضائي موضوعنا في الدراسة (الفقرة الأولى ) لنخلص في النهاية إلى إبراز وجهة نظرنا في الموضوع ( الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى : تحديد اتجاهات القضاء في الموضوع
الاتجاه الأول :
هذا الاتجاه قد استلزم إرفاق طلب الأمر بالأداء بمحضر الاحتجاج بعدم الوفاء ، وهو ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية بفاس التي نصت : على أن اختيار سلوك مسطرة استصدار أمر بالأداء دون القيام بمسطرة الاحتجاج [39] بعدم الدفع المنصوص عليها في الفصلين 297 و 297من مدونة التجارة والتي وردت أحكامها على سبيل الوجوب تبقى معه الدعوى غير مسموعة[40] .
الاتجاه الثاني :لم يشترط هذا الاتجاه لقبول طلب الأمر بالأداء القيام بمحضر احتجاج بعدم الوفاء ، وفي هذا المنحى اتجهت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش إلى أن :الاحتجاج بعدم الدفع لا يكون إلزاميا إلا في حالة تظهير الورقة التجارية [41].
الفقرة الثانية : وجهة نظرنا في الموضوع
بعد التطرق لاختلاف توجهات العمل القضائي بخصوص إلزامية محضر الاحتجاج بعدم الوفاء ، نعتقد أن الاتجاه الثاني أقرب إلى الصواب ، وذلك لمجموعة من المبررات من بينها:
- إن قانون المسطرة المدنية باعتباره المحال عليه بمقتضى المادة 22 من القانون المحدث للمحاكم التجارية لم يشترط بمقتضى فصوله على إلزامية هذا المحضر لقبول مقال الأمر بالأداء .
- عدم وجود شرط الاحتجاج بعدم الوفاء في المقتضيات الخاصة التي تحكم مسطرة الأمر بالأداء أمام المحاكم التجارية .
man9ol